فن الخطابة :

فن الخطابة

تعريف فن الخطابة :

وهي من فنون النثر الأدبي، تعتمد على التصوير الأدبي يتوجه به الخطيب البليغ لإقناع المتلقي بغايته الدينية، أو الاجتماعية، أو السياسية، أو العلمية، أو القضائية، أو الرثائية، أو غيرها، بوسائل التأثير المتنوعة التي تتفتح لها منافذ الإدراك العاطفية والشعورية والعقلية والحسية.

أركان الخطابة وأنواعها :

وقد اشتمل التعريف على أركانها من الإقناع والتأثير، وأنواعها من الدينية والاجتماعية والقضائية والعلمية والسياسية والتأبينية وغيرها، وعلى خصائصها الفنية التي يتصف بها النص الأدبي. 

نماذج من الخطابة في العصر العباسي :

ومن نماذجها في العصر العباسي خطبة للخليفة هارون الرشيد (1):

"ولن تتركوا سدى، حصنوا إيمانكم بالأمانة، ودينكم بالورع، وصلاتكم بالزكاة، فقد جاء في الخبر أن النبي لا قال لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له، ولا صلاة لمن زكاة له إنكم سفر مجتازون، وأنتم عن قريب تنتقلون من دار فناء إلى دار بقاء ، فسارعوا إلى المغفرة بالتوبة، وإلى الرحمة بالتقوى، وإلى الهدى بالإنابة، فإن الله تعالى ذكره أوجب رحمته للمتقين، ومغفرته للتائبين، وهداه للمنيبين".

أعلام الخطابة في العصر العباسي :

وأعلام الخطابة في العصر العباسي كثيرون، منهم الخليفة أبو العباس السفاح، وأبو جعفر المنصور، والمأمون، وغيرهم، وعمرو بن عبيد، وصالح بن عبد الجليل، وابن السماك، وسواهم.

 أشهر الخطباء في العصر الحديث :

ومن أشهر الخطباء في العصر الحديث الشيخ محمد مصطفى المراغي، والزعيم سعد زغلول، والزعيم مصطفى كامل، والزعيم أحمد عرابي، والشيخ محمود أبو العيون، والشيخ مصطفى القاياتي، والشيخ إبراهيم الهلباوي، والشيخ عبد الحميد كشك ، والإمام الداعية الشيخ محمد الغزالي السقا، والدكتور أحمد الشرباصي والشيخ إسماعيل العدوي، وغيرهم.

نموذج من خطب الشيخ أحمد حسن الباقوري :

ومن خطب الوزير الشيخ أحمد حسن الباقوري لتكريم شيخ الأزهر الشيخ المراغي حين تولى مشيخة الأزهر للمرة الثانية في حفل التكريم له (2):

"أعرف ان الناس حين يحتشدون لتكريم عظيم راعه منهم ما دفعه إلى تكريمه وتمجيده، إنما يحاولون أن ينتزعوا ما يجيش في صدورهم، وتنطوي عليه نفوسهم من حب له، وإعجاب به، واطمئنان إليه، وأن يصوروا ذلك كله صورة صادقة كلها إطراء وثناء، ولكنه شباب بحكم خضوعهم لمميزات الشباب، لا تعرف عواطفهم حدا تقف عنده، ولا مشاعرهم غاية تنتهي إليها؛ فهم لذلك عاجزون عن تجلية ما يغمر نفوسهم من غبطة بما نال الأزهر ؛ ويعمر قلوبهم من حب الأستاذ الأكبر، بل إنهم لأغنياء عن تجلية عاطفة إظهار غبطة بعد أن أرسلوه هتافا مدويًا ملأ سمع الدهر، وشمل جوانب الدنيا، فاهتزت له حتى جدران الحصون، لا نقول إذن في هذا الحفل الحاشد ليطلع الناس منا على حب صادق، وسرور شامل، وولاء عظيم، فذلك ما تشهد له الحوادث، وتنطلق به الوقائع، وذلك ما سيوريه الزمن، ويتحدث عنه التاريخ، ولكننا ننتهز فرصة طالما تمنيناها فتأبت لنشهد الأمة ممثلة في عظمائها وزعمائها وذوي الرأي فيها، أن شباب الأزهر لم يضطرب اضطرابه البريء، تهافتا على مستقبل ناعم، ولا إيثارًا لعرض زائل، ولكنه الوفاء الله ولدينه وللإنسانية، دفعهم إلى تقدير مهمتهم وتعرف واجبهم، والاتصال بأمتهم، وقد كانوا اقتطعوا من هذه الأمة، وهم قطعة منها ، وأبعدوا أو كادوا يبعدون عن نصرة دين الله، وهم حماة هذا الدين الكريم؛ فهبوا يهيمن عليهم جلال غرسته العزة الإسلامية، ونشأتهم عليه التربية الأزهرية، ثم هتفوا بالأستاذ المراغي رمزًا للأزهر، لا شيخًا للأزهر فحسب، فالأستاذ المراغي – في رأينا نحن شباب الأزهر - مبدأ ترسله الحياة في منطقها عزيزا، وتردده الدنيا في حديثها شامخًا، وتستشرف له النفوس البارة المخلصة، لأنه نشدة العقل؛ بل غاية الإنسانية، بل أمل الشريعة، وهتاف الدين ... لقد شاء الله أن يدفع بالأمل الباسم في أعقاب اليأس الحاطم ، وأن يرفه عن نفوس كان قد لج بها الحزن الباكي، وحطمها الأمل العنيف، فاستيقظت فيها الثقة وعاودها الإيمان بأن الأزهر سوف يتصل بالحياة أنبل الاتصال وأكمله، يقاوم المجتمع الإنساني في الشر، ويصطدم منه الفساد، ثم يشعره بما في الإسلام من سمو وطهر وعدالة وإقناع، ومن ذلك يدهيه إلى حيث يستروح من دستور الله عزيزا، وشرعته منيعة، كل ما يستشرف له من مجد وسؤدد وكمال يا صاحب الفضيلة هذه قلوبنا، بل هذه أرواحنا تستبق عهدك عهدًا قويا بريئًا لا يحفزنا إليه إلا إخلاص لله، وإنصاف للأزهر، ووفاء للإنسانية، وإنا لنشهد الله ورسوله والمؤمنين على أن شباب الأزهر أول من يسلمك قياده راضيًا، لتوجهه وجهة الخير والصلاح، وأول من يلبي دعوتك؛ فينصر الخلق، ويسوس الروح سياسة حكيمة حازمة، وأول من سيخلص للعلم، ليبقى العلم عزيزا، ويحيى الأزهر ليستقبل الأزهر ألف عام أخرى، يفخر به الوطن العزيز، ويفزع إليه الشرق المهيض، ويعتز به الإسلام المفدى".

----------------------

(1) العقد الفريد: ابن عبد ربه ۱/۱۰۲.

(2) مجلة الأزهر، ربيع الثاني عام ١٣٥٤هـ / ١٩٣٥م.

الموضوع السابق :

الموضوع الحالي  :

فن الخطابة.

الموضوع التالي :

تعليقات