-->

مفهوم النقد الأدبي اللغوي ونشأته وتطوره وأنواعه ، النقد الأدبي القديم الفرقة الثالثة 2023


 مفهوم النقد الأدبي اللغوي ونشأته وتطوره وأنواعه


مفهوم النقد الأدبي اللغوي ونشأته وتطوره وأنواعه  " ن ق د" في المعاجم اللغوية   المفهوم اللغوي  تطور المدلول اللغوي  الدلالات الجزئية لـ " ن ق د"  أنواع النقد الأدبي  النقد السلبي الهدام أنواع النقد الأدبي القديم   النقد الذاتي المعتدي النقد الذاتي الإعجابي

تمهيد :


من أبجديات أي علم بیان مفهومه وأدواته ونشأته وتطوره ، وذلك يستدعي منا تحليلا عميقا مكثفا لذلك المصطلح، على النحو الآتي:


المفهوم اللغوي


" ن ق د" في المعاجم اللغوية 

نجد استعمالات الجذر اللغوي" ن ق د" في المعاجم اللغوية 

دائرة حول معنی کلی رئیس، هو بروز الشيء وإبرازه، والكشف عن حاله من جهة جودته ورداءته. 

وقد قرره ابن فارس (ت 395ه) بقوله: "النون والقاف والدال أصل صحيح يدل على إبراز الشيء وبروزه. 

من ذلك النقد في الحافر، وهو تقشره ، حافر نقد: متقشر... ومن الباب: نقد الدرهم، وذلك أن يكشف عن حاله في جودته أو غير ذلك "(1). 

 تطور المدلول اللغوي 

ثم تطور المدلول اللغوي من هذه الدلالة الحسية إلى أخرى معنوية لها صلة بالدلالات السابقة؛ إذ ورد أن: "من المجاز : نقد الكلام: ناقشه، وهو من نقدة الشعر ونقاده، وانتقد الشعر على قائله"(۲).

الدلالات الجزئية لـ " ن ق د"

ويندرج في هذه الدلالة الكلية جملة دلالات جزئية، هي:


الدلالة الأولى:

 الشيء الحاضر المعجل؛ ففي المعاجم: النقد: خلاف النسيئة... وقد نقدها وتنقدها نقدا وانتقدها وتنقدها ونقده إياها نقدا: أعطاه فانتقدها أي قبضها ...


(1) مقاييس اللغة لابن فارس 467/5 تحقيق الشيخ عبدالسلام هارون.

(2) أساس البلاغة للزمخشري، نقد، وتاج العروس للزبيدي : باب الدال فصل النون 517/2 ، والمعجم الوسيط 944/2.


الدلالة الثانية:

النقر والضرب؛ ففي المعاجم:نقد الشيء ينقده نقدا إذا نقره بإصبعه كما تنقر الجوزة ، والمنقدة: حريرة ينقد عليها الجوز، والنقدة: ضربة الصبي جوزة بإصبعه إذا ضرب. 

ونقد أرنبته بإصبعه إذا ضربها ..ونقد الطائر الفخ ينقده بمنقاره أي ينقده، والمنقاد منقاره ... ونقد الطائر الحب ينقده إذا كان يلقطه واحدا واحدا، وهو مثل النقر .


الدلالة الثالثة:

اختلاس النظر؛ ففي المعاجم:نقد الرجل الشيء بنظره ينقده نقدا ونقد إليه: اختلس النظر نحوه ، وما زال فلان ينقد بصره إلى الشيء إذا لم يزل ينظر إليه. 

والإنسان ينقد الشيء بعينه، وهو مخالسة النظر لئلا يفطن له.


الدلالة الرابعة:

تمييز الجيد من الرديء؛ ففي المعاجم: النقد والتنقاد: تمييز الدراهم وإخراج الزيف منها؛ أنشد سيبويه (ت ۱۸۰ه):


تنفي يداها الحصى في كل هاجرة ... نفي الدراهم تنقاد الصياريف


... والنقد: تمييز الدراهم وإعطاؤها إنسانا، وأخذها ، والانتقاد، والنقد: مصدر نقدته دراهمه ، ونقدته الدراهم، ونقدت له الدراهم وانتقدتها إذا أخرجت منها الريف ، والدرهم نقد أي وازن جيد ، و ناقدت فلانا إذا ناقشته في الأمر (1) .


(1) أساس البلاغة للزمخشري، ن ق د، وتاج العروس للزبيدي : باب الدال فصل النون ۵۱۷/۲، والمعجم الوسيط 944/۲.


وكل هذه الدلالات مقبولة، "تدور في فلك متداخل، وتؤدي ما يقصد من إضافة نقد إلى الأدب، أو وصف كلمة النقد أنه أدبي، ذلك أن النقد تمييز للأدب وفصل جيده من رديئه، وهو أيضا إعطاء الأدب للمتأدب وإبرازه له (*) ، والدعوة إلى معرفته"...

 تدل من طرف خفي على الوسائل التي يستعين بها الناقد في مواجهته النص الأدبي، فالنص والناقد دائما في حالة حضور عاجل، وفي تفاعل، وحوار ومناقشة. 

والناقد في قراءته النص يعتمد على خبرة وفهم بطبيعة فن كل نص، وقدرة على الموازنة والتجريب، وجس نبض للنص ومعايشته معايشة عميقة بكل حواسه المتاحة، كما يفهم من الدلالات الثلاثة الأولى.


أما الدلالة الرابعة فتوضح غاية الناقد ووظيفته وهي تمييز الجيد من الرديء .


من أنواع النقد الأدبي :


أنواع النقد الأدبي القديم


النقد السلبي الهدام



أما النقد - بتحريك "فتح" القاف، مصدر الفعل "نقد" بكسر القاف - فيدور حول دلالة الشيء الصغير المتآكل والمتكسر ، وهي مما شذ عن الباب في نظر ابن فارس(1)، أو لعلها تشير إلى الجانب السلبي في النقد، الذي أشار إليه ...


ما جاء في الأثر المروي عن سيدنا أبي الدرداء رضي الله عنه - أنه قال : إن نقدت الناس نقدوك وإن تركتهم تركوك؛ معنى نقدتهم أي عبتهم واغتبتهم قابلوك بمثله"(2)، فهو يشير إلى جانب سلبي وحيد في هذا الجذر اللغوي ، حيث العيب والتجريح .


وهذه الدلالة "من قولهم: نقدت رأسه بإصبعي أي ضربته، ونقدت الجوزة أنقدها إذا ضربتها (3) ، ونقدته الحية لدغته (4) فالناقد حين يأخذ في الحكم على نتاج الأديب قد يؤلمه بحكمه وإخراج ما يكون فيه من عيوب وأخطاء (5). 

وهذا الجانب الدلالي الحاد للفظة "النقد" موجود عند طائفة قليلة من النقاد، الذين يتركون الموضوعية في النقد، ويتحولون إلى مقاييس نفسية جامدة، أو معايير شخصية متعصبة، بحيث يقلبون الحق باطلا، ويزينون الباطل حقا ومن ثم استحقوا اللقب القرآني  (الغاوون) الوارد في قوله تعالى : {والشعراء يتبعهم الغاوون}(6).

1-النقد الذاتي المعتدي 

فالنقد الذاتي المعتدي السلبي الهدام نقد غیر محبوب، ببيان العيوب دون المزايا ؛ لأن بغض المنقود يعمي رؤية أية مزية. 

ويقول ابن قتيبة في أربابه، يرون الشعر في عيني خصمهم وعيونهم تطرف على الأجذاع من عيوبهم .

 فهذا أشنع أنواع النقد لأنه هدام يترك الفنان يعاني شعورا أليما يظن  معه أنه يحارب عالما بأجمعه، عالما ليس يكره إنتاجه فحسب، بل يكره الطموح الذي دفع إلى وضعه...

وفي هذه الحالة يرى الناقد أن لا شيء خير من شيء ما؛ فخير لرسام أظهر لوحة فنية لو أنه لم يرسمها.

 غير أن الاعتقاد الصحيح الذي لا جدال فيه لدى كل عقل مبدع، مهما استبدت به السذاجة، أن عكس ذلك هو الصحيح. 

ولذا كان العقل الخلاق ولا يزال وسيظل على مدى العصور في صراع دائم مع العقل الهدام.

2-النقد الذاتي الإعجابي 

ذلك النوع الذاتي الإعجابي المحابي وهو نقد من تحب فتهتم ببيان المزايا وتكبرها، وتتجاهل العيوب أو تصغرها فلا تكاد تبين، انطلاقا من مرض يسمي (عبادة البطل)، أي النظر إلى المبدع المدروس نظرة محب عاشق، وموقر محترم، نظرة تجعل الناقد يعدد إيجابيات العمل الأدبي المنقود، ويترك أو يتناسى السلبيات والمآخذ!

المصادر والمراجع


-------------------

(*) النقد الأدبي القديم عند العرب، د/رفعت زكي محمود ص ۷، طبع سنة ۲۰۱۳م.

وراجع من قضايا النقد الأدبي، د/محمد عبد المنعم العربي ص۱۹،۲۰، مطبعة الأمانة سنة ۱۹۸۷م.

 (1) مقاييس اللغة لابن فارس 468/5.

(2) ورد في النهاية في كشف الخفاء للعجلوني ۲۳۷/۲، رقم 285. ، و 2851، وغریب الحديث والأثر لابن الأثيره 5 / 1 . 3، وفي اللسان 3/426 ، ومن هذا الأثر اشتق :نقد الناس : عابهم واغتابهم وراجع التكملة والذيل والصلة لما فات صاحب القاموس من اللغة للزبيدي 2/321 ، ويروى بالفاء (نفد) والذال المعجمة (نفذ) .

وقد علق عليه ابن الأثير، وتبعه ابن منظور، بقوله: هو من قولهم: نقدت الجوزة أنقدها إذا ضربتها .

(3) ذكر اللغويون أنه:" يروى بالفاء والذال المعجمة، وهو مذكور في موضعه بالمعاجم ( نفد، أو نقذ).

(4) اللسان 3/426 - 427.

(5) النقد الأدبي القديم عند العرب، د/رفعت زكي محمود ص8 .

(6) سورة الشعراء، الآية 224.
-------------------

 الموضوع السابق :