الفصل الأول : أصول الفكر التربوي 1

الفصل الأول: أصول الفكر التربوي

أصول الفكر التربوي ، الأصول الاجتماعية والثقافية  تعريف أصول التربية الأصول الفلسفية للتربية الأصول الاجتماعية والثقافية للتربية التعليم ظاهرة اجتماعية


مقدمة

تعد التربية إحدى الدعائم الرئيسية في المجتمع والمنوط بها النهوض به وتحقيق أهدافه، حيث تسهم في إعداد الإنسان وبنائه كفرد له شخصيته المستقلة، وفي الوقت ذاته له القدرة على التفاعل مع أفراد مجتمعه بما يخدم هذا المجتمع،

 فهي فردية واجتماعية في آن واحد، والتربية كيما تقوم بهذه الأدوار ينبغي أن ترتكز على عدد من الأسس والدعائم التي تستند إليها وتدعم قيامها وتسهم في تحقيق أهدافها، وأهم هذه الأسس: الفلسفية والاجتماعية والثقافية والتاريخية والدينية والنفسية والاقتصادية والسياسية.

تعريف أصول التربية

هي الركائز والأسس التي تقوم عليها العملية التربوية في علاقاتها بالأوضاع التي تسود المجتمع من اجتماعية وفلسفية واقتصادية وسياسية وثقافية وتاريخية ودينية ... إلخ.

ويمكن القول بأن أصول التربية هي:" ذلك العلم الذي يستند إلى العلوم والمعارف ليستمد منها المبادئ والأسس والمفاهيم والأساليب النظرية التي تحكم العمل التربوي وتوجه الممارسات التربوية"، وفيما يلي عرض لتلك الأسس.

أولا: الأصول الفلسفية للتربية

ثمة علاقة تربط الفلسفة بالتربية تجعل منهما وجهان لعملة واحدة، فإذا كانت الفلسفة تتضمن بحث ودراسة أوضاع المجتمع والموازنة بينها لاختيار المناسب منها لحياة الأفراد، 

والعمل على إقراره وتدعيمه في المجتمع، فإن التربية تقوم بترجمة قيم هذه الفلسفة إلى عادات واتجاهات ومهارات سلوكية لدى الأفراد، فهي تمثل الجانب العملي للفلسفة كما أن للفلسفة والتربية موضوع واحد هو الإنسان.

كذلك فإن المذاهب والمدارس الفلسفية تتضمن اتجاهات تربوية، فالفلسفة هي النظرية العامة للتربية، ومن بين الاهتمامات التربوية التي تعنى بها الأصول الفكرية:

* دراسة ناقدة للنظريات التربوية.
* إبراز الاسهامات التربوية للمفكرين.

* دراسة الأفكار الفلسفية ذات المضمون التربوي.
* تحديد معالم النظرية التربوية عن طريق تحديد أهداف التربية٠


والتربية لابد وأن تستند إلى إطار فلسفي يساعدها على النمو والتكامل.

وتعتمد نوعية الأهداف التربوية على الفلسفة التي انبثقت منها، فالنظرة إلى الكون والإنسان والحياة تختلف من فكر لآخر، ومن ثم تنعكس على القضايا والآراء التربوية المنبثقة من الفكر سواء كانت واقعية أو مثالية أو براجماتية أو إسلامية، فكل نظام تربوي له طبيعته التي تميزه.

ومن هنا يستحيل استعارة نظام تربوي من مجتمع شيوعي أو رأسمالي إلى دولة ذات فلسفة إسلامية، لما لذلك من آثاره في تذويب الهوية

وبصفة عامة يمكن القول بأن ثمة اتصال حيوي بين الفلسفة والتربية باعتبار أن كل عمل تربوي في حاجة إلى الاستناد إلى قاعدة فكرية تجمع له الشتات المتناثر، وتزود العاملين فيه بالقدرة على التحليل والنقد، كما أن التربية بالنسبة للفلسفة تعتبر بمثابة المعمل الذي تختبر فيه النظريات الفلسفية.

والأصول الفلسفية للتربية تفيد عند التخطيط للسياسة التعليمية في دولة ما، حيث يتم بناء النظام التعليمي على نظرية في المعرفة والطبيعة البشرية والقيم وغير ذلك من جوانب تعنى بها الفلسفة، وتمثل نقطة البدء نحو التجديد في العمل التربوي وما يسعى إليه من أهداف.

ولا يمكن فهم نظام التعليم فهما صحيحا عميقا من غير فهم للأصول الفلسفية التي توجهه وتحكم مساره، وعند غياب الفلسفة التي توجه العمل التربوي يكون الإصلاح والتجديد ضربا من التخبط والارتجال، يتضح ذلك عند تضارب القرارات التي تتخذ بشأن العملية التعليمية.

ومن أمثلة ذلك:

إلغاء الصف السادس وعودته.
نظام الثانوية العامة في مصر

ثانيا: الأصول الاجتماعية والثقافية للتربية :


تستمد التربية مقوماتها من المجتمع الذي توجد فيه، إذ لا يمكن للتربية أن تتم في فراغ،

 والإنسان يعيش في حالة اتزان مع بيئته طالما أنها تلبي حاجاته النفسية والبيولوجية فالبيئة الاجتماعية المرنة تسمح بقيام إطار ثقافي فردي إلى جانب الإطار الحضاري العام في حين تكثر مظاهر السلوك المنحرف وسوء التكيف والقلق والصراع حينما تكون البيئة الاجتماعية صلبة جامدة.

ويشير(جون ديوي) إلى ذلك بمثال الشاب الذي ينشأ في قبيلة بدائية تغلب عليها الروح الحربية كالشجاعة واحتمال الألم والمتاعب والمهارة في استعمال آلات القتال وما إلى ذلك، وتقابل بالتقدير تلك الأعمال التي تتجلى فيها هذه الصفات وخاصة ميادين القتال، بل تتاح للصغار أيضا في الألعاب التي يزاولونها بحكم تقاليد القبيلة.

ونتيجة لكل هذا، فإن تفكير الشاب يتجه إلى الحرب منذ الصغر، وتكثر إثارة النزعات الحربية لديه، وتقوي هذه النزعات على حساب نزعاته الأخرى، أي أن سلوك الشاب ومثله العليا تأخذ بالتدريج الاتجاهات السائدة للقبيلة، ولعل ذلك يؤكد على أن مفهوم التربية يتسع ليشمل أكثر مما يوجد بالمدرسة،

ولما كان لكل مجتمع طبيعته ومتطلباته ونظامه الخاص به – والذي يختلف عن المجتمعات الأخرى- فإنه تبعا لذلك يكون لكل مجتمع نظامه التربوي الذي يناسبه أو يسهم في تحقيق أغراضه وإعداد أجياله والنهوض به.

والأسس الاجتماعية التي تقوم عليها التربية لا يمكن أن نحقق مراميها دون جانب خلقي يضمن حماية الفرد والمجتمع، وتقع مسئولية التربية الخلقية على المؤسسات المختلفة بالمجتمع لاسيما الأسرة والمدرسة.

فالأسرة هي المؤسسة الأولى التي تعد الطفل للحياة الكاملة بكل مناحيها الصحية أو العائلية أو الثقافية أو الاجتماعية.
وفي المدرسة يتفاعل المتعلم مع زملائه ومعلميه ويكتسب العديد من الأنماط السلوكية والأخلاقية.

وهذا ما يؤكد على الدور المنوط بالأسرة، وضرورة التزامها بالسلوكيات القويمة فهي محل القدوة لأبنائها كذلك ينبغي العناية بالمعلم إعدادا واختيارا فالحسن عند تلاميذه ما استحسنه هو، والقبيح لديهم ما استقبحه. وأعين التلاميذ معقودة بالمعلم دائما


بالإضافة إلى ما سبق : فإن التربية الترويحية تحقق فعالية للتربية في جوانبها الاجتماعية وذلك بما تحويه من أنشطة ورياضيات متعددة تشمل : الصيد وركوب الخيل والسباحة والرماية وغير ذلك من أنشطة تتحقق فيها الممارسة الاجتماعية ويتجدد النشاط والحيوية وتزول الكآبة والملل.

ولا ريب في أن للتربية آثارها في النهوض بالمجتمعات بما لا يتوافر للقوانين والتوجهات السياسية. حيث إن التغير الناجم عن سن القوانين ووضع اللوائح يكون تغييرا ظاهريا لا يعمد إلى الجوهر، بيد أن التغير الناتج عن التربية والذي يكتسبه الأفراد بعد فهم وإدراك وعمل يبقى ويستمر بل ويصعب تغييره بعد ذلك

التعليم ظاهرة اجتماعية:


لما كان التعليم ضرورة اجتماعية فقد حظي بعناية الدولة على مدار العصور، فإسبرطة قد اهتمت بالتعليم في مختلف اتجاهاته، والدولة الرومانية قد أولت اهتمامها للتعليم،

 كما أنشأ المسلمون المدارس في بغداد والشام ومصر والأندلس، ولعل ما يتم من توسع في إنشاء المدارس والجامعات وتوفير الإمكانات البشرية والمادية لها، يعد أكبر دليل على ذلك .

* وقد حرصت المدرسة على أن تقدم لأبنائها تعليما يتلاءم وحاجتهم وميولهم فاتجهت رسالة المدرسة إلى التركيز على تشويق التلميذ وترغيبه في المدرسة، وتقديم المعلومات المناسبة له.


* ثم تطورت رسالة المدرسة بحيث أصبحت تعني بالحاجات الإنسانية، وبدأت فكرة (مدرسة المجتمع) تحظى باهتمام القائمين على التعليم بهدف تزويد التلميذ بالمعلومات، مع مراعاة مناسبتها لطبيعته، 

بالإضافة إلى ربط المدرسة بالمجتمع والحياة، ولم يقتصر الدور الاجتماعي للتعليم عند هذا الحد بل إن المجتمع تطلع إلى أن تكون المدرسة مركز إشعاع تدرك الأهداف التي يسعى إليها المجتمع، ويعمل على تحقيقها، ويقوم بعمل الدراسات والخطط بشأنها


* ولقد اتخذ التعليم من التخطيط وسيلة ناجحة تسهم في تطوير المجتمع والنهوض به، ولا غنى لإنسان العصر الحديث عن التخطيط المصحوب بعقل علمي يساعد في السيطرة على الأشياء والإمساك بزمامها.

* وتجدر الإشارة إلى أن التربية – كنظام اجتماعي- تستند على علم الاجتماع تستمد منه أصولها الاجتماعية، فمن ضمن ما يهتم به هذا العلم دراسة العلاقة العضوية بين نظام التعليم والمجتمع الذي يوجد به، 

بهدف الوقوف على التأثير المتبادل بينهم، وهذا العلم يؤصل للوعي باختلاف العوامل التي تحكم حركة التعليم - كظاهرة اجتماعية - ويلقي الضوء على مكامن الخطأ فيه وإمكانيات تعديل مسيرته.

* فضلا عن ذلك فإن التربية تستند إلى الثقافة القائمة في المجتمع

الموضوع السابق : 





تعليقات