تعريف الذوق الأدبي " الذوق الفني " وأقسام الذوق

 

تعريف الذوق الأدبي " الذوق الفني " وأقسام الذوق

تعريف الذوق الأدبي " الذوق الفني " وأقسام الذوق


تعريف الذوق الأدبي"الذوق الفني":

الذوق الأدبي "الفني"

هو مقياس دقيق يميز الأدب الجيد من الرديء، وهو الميزان القويم للحكم على النص بالجمال أو القبح، وهو يختلف عن قوانين العلوم، ويغاير موازين التجارب العلمية والفلسفية البحتة.

تناول النقاد للذوق الأدبي :

والذوق الأدبي تناوله النقاد قديما : كابن سلام وابن قتيبة والجاحظ والقاضي الجرجاني والآمدي وابن طباطبا وابن رشيق وعبد القاهر الجرجاني وابن خلدون وغيرهم، كما تناوله النقاد المحدثون : متأثرين بالنقد العربي القديم وبالنقد العربي الحديث والغربي معا؛ مما لا ينبغي هنا أن نعيد ما أفاضوا فيه، لكن نذكره بإيجاز:


الذوق في اللغة والاصطلاح والنقد :

- تحول معناه اللغوي والاصطلاحي والنقدي من التذوق الحسي باللسان إلى التذوق المعنوي والخلقي لأسرار الجمال في النص الأدبي.


س : ما هي الأسس التي يبنى عليها الأديب ملكة الذوق الأدبي ؟

- ينبني الذوق الأدبي على ملكتين؛ إحداهما: ملكة فطرية في النفس، وثانيتهما: موهبة مكتسبة تكونت من خلال المعارف والتجارب الفكرية والأدبية والتاريخية مع الإنسان والكون والحياة وفنون الأدب المختلفة.


عوامل تكوين الذوق الأدبي :

- الحفظ والرواية والدربة والتجارب الأدبية وأثر البيئة والطبيعة والمجتمع والزمان والجنس والتربية والتعليم والمهارات الشخصية والمزاجية وغيرها .


أقسام الذوق الأدبي :

ما تعريف الذوق العام - الخاص ؟

- تقسيم الذوق الأدبي إلى: ذوق عام : ذوق يشترك فيه أبناء الجيل الواحد، وذوق خاص : يعبر عن مذهب معين كالتأثريين مثلاً، وذوق أعم : يرجع إلى الطبيعة الإنسانية لكل الشعوب على وجه الأرض.


مناهج الذوق الأدبي :

- تقسيم الذوق من حيث مناهجه النقدية المختلفة التي يستمد منها مقاييس الحكم بالجودة أو الرداءة، وبالجمال أو القبح، وهي : المناهج التاريخية والنفسية والسياسية والفلسفية وفقه اللغة والتراكيب والأسلوبية والبنيوية والتفكيكية إلى آخرها .

وغير ذلك من عناصر الذوق الأدبي وخصائصه ومقاييسه التي وضحها النقاد قديما وحديثا، وأصبح من اليسير أن نرجع إليها من حين إلى آخر ونستعين بها على تشكيل وبناء الذوق الأدبي الناضج والكامل لتحديد كيفية الجمال وأسراره، وحدود القبح ومعالمه في ميزان النص الأدبي.


هل يختلف الذوق الأدبي للأدب الإسلامي عن الذوق الأبي للنقد قديما وحديثا ، مع التعليل ؟

لا يختلف الذوق في الأدب الإسلامي عما انتهى إليه النقد قديما وحديثا؛ لأنه في معظم أبعاده وتركيبه وطبيعته وعوامله وعناصره لا يختلف كثيرا في ذلك، إلا أن الذوق الأدبي في تحديد الجمال أو القبح للنص في الأدب الإسلامي يعتمد على أسس يتميز بها في الحكم على غيره من الأدب العام.

أهم الأسس التي يتميز بها الذوق الأدبي للأدب الإسلامي عن الذوق الأبي للنقد قديما وحديثا ؟

وأهم هذه الأسس:

1- الانتماء إلى بيئة الحضارة الإسلامية التي يستجيب لها كل جديد يتلاءم مع أهدافها السامية، ويحتفظ بأصالتها المتميزة.

2- ألا تخرج ملكة الذوق الأصلية عن فطرتها المستقيمة بلا تبديل أو تغيير أو تشويه، وأن تغتذي الملكة المكتسبة بروافد الحضارة الإسلامية المتجددة قديما وحديثا ( فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله )، وكما قال النبي ﷺ: "كل مولود يولد على الفطرة، وإنما أبواه يهودانه أو ينصرانه".

3- ترويض الملكة المكتسبة على التأمل لأسرار الجمال في الإنسان والكون والحياة ومظاهر الطبيعة؛ لأن ذلك يثري الذوق الأدبي بمصادر الجمال المحسة وروافده الواقعية مما يعين الناقد على شحذ قدراته المختلفة وأدواته في الحكم لتحريك ملكته الفطرية وتسديد ملكته المكتسبة ...

لمنحهما القدرة على تشخيص المعاني المعقولة وتجسيم المجردات غير المنظورة للوقوف على أسرار الجمال فيها، كما في قوله تعالى(*1*): ( والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون (5) ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون ........... إلى قوله تعالى : (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم).

4- إثراء الملكة المكتسبة بما انتهت إليه الدراسات الأدبية والنقدية الجديدة من الخصائص الفنية والسمات العامة للأدب الإسلامي في قيمه الخلقية والفنية للمعاني والألفاظ والأساليب والصور المستمدة من الحقيقة، والصور المستمدة من الخيال ...

والموسيقى والإيقاع والعاطفة والمشاعر والوحي، وخصائص الأغراض في الأدب وفنونه وأجناسه القديمة والجديدة، والسمات والمعالم، وغير ذلك مما انتهى إليه الأدباء والنقاد في مجال الأدب الإسلامي.

-----------

الأدب الإسلامي بين النظرية والتطبيق

(*1*) النحل : آيات من 7 إلى 18.


5- قد يقف الناقد في الأدب الإسلامي على أسباب الجمال وأدواته التي أبدعت تنسيقه؛ فكلما اكتشف سببا أو أداة في بنائه ازدادت متعته، وتضاعف انبهاره، وفي هذا يلتقي الناقد مع المبدع حين يضع نفسه موضعه، ليتعرف على أدوات التهذيب والتصوير وأسباب الجمال فيه عند المبدع في نصه، وذلك في معظم الشعر الذي سنذكره عند التطبيق ...

وقد لا يقف الناقد على أسباب الجمال وأدوات المتعة الفنية، مهما تمثل الناقد شخصية المبدع، ومهما بالغ في ذلك فلن يظهر ذلك إلا بتأثيره في نفسه والانبهار به، ويمتلأ قلبه بالحسن، وتتغشاه السكينة، وتهتز عاطفته وتتحرك مشاعره، وهو ما انتهى إليه النقاد من الفرق بين الجمال والمتعة ، وبين الحلاوة والجلال ، مصداقا لقوله تعالى:

( أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبین (۲۲) الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد (۲۳)) (۱) ، وقوله تعالى :

( هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم ولله جنود السموات والأرض وكان الله عليما حكيما) (۲).

6- ينبني ذوق الناقد للأدب الإسلامي على المردود الإيجابي، الذي يعطي ولا يمنع، ويصلح ولا يفسد، ويبني ولا يهدم، ويسمو ولا يسفل ويهبط، فكل عمل أدبي أو فني يضع لبنة جديدة في بناء الحضارة الإسلامية، ويشكل فيها بعدًا؛ ليزداد المسلمون قوة ويتميزوا عن غيرهم عزة ومجدا، مصداقا لقوله تعالى: ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة) ...

وقوله تعالى: (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين)، وقوله تعالى: (والله يحب المحسنين)، وقول النبي ﷺ: "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف".

------------

الأدب الإسلامي بين النظرية والتطبيق

(۱) الزمر : ۳۲-۳۳ .

(۲) الفتح : 4 .

7- الذوق في الأدب الإسلامي يفرق بين اللذة والمتعة، وبين الفن الذي يصور الجمال والجلال والحلاوة النابعة منه؛ فتظل آثاره ومعالمه وأسبابه عالقة بالنفس، بينما المتعة واللذة لا تبقى طويلاً، لأنها عارضة ووقتية وتأثرية كرد الفعل، لا يبقى منها أثر ولا قيمة بعد الغروب عن النص الأدبي أو مفارقته؛ مثل الشجرة الخبيثة ... 

تمتع بمنظرها العائم بلا جذور، وتلذ بشكلها الظاهر بلا ثمار أو ظل؛ فلا تلبث سريعا أن تجتث وتسقط، بينما الجمال والجلال والحلاوة كالشجرة الطيبة الثابتة الظليلة المثمرة مصداقا لقوله تعالى: 

( ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء (٢٤) تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون (٢٥) ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثث من فوق الأرض ما لها من قرار (٢٦)).

ثم يظهر الفرق بينهما في نهاية الآيات:

( يثبت الله الذين آمنوابالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء (۱).

--------------------

الأدب الإسلامي بين النظرية والتطبيق

(1) إبراهيم: ٢٤-٢٧ .

المصادر والمراجع :

تعليقات