الحملة الفرنسية على مصر

الحملة الفرنسية على مصر :

الحملة الفرنسية على مصر

أثر الحملة الفرنسية على مصر ، والصدمة :

كانت الحملة الفرنسية ( 1798 م ) - ( 1801 م ) هزة قوية لمصر في جميع المجالات .

الدهشة العلمية والثقافية للعرب أمام التقدم الفرنسي في ١٧٩٨م :

حيث كانت الحملة الفرنسية على مصر في عام ( ١٧٩٨م ) بمثابة صدمة في جميع المجالات فقد أتى الفرنسيون مصر ومعهم أساليب التقدم والحضارة في المجالات العسكرية والعلمية والثقافية ما لم يكن للعالم العربي بها عهد ، وإنما كان الناس في سبات عميق يعانون من صراع الولاة فيما بينهم ، ويقاسون ألم التخلف على جميع المستويات ، فأحدثت الحملة الفرنسية هزة ، وصدمة في نفوس الناس " ويكفي لتصور المستوى العلمي، وما بلغه من تخلف حينذاك، أن نقرأ ما حكاه الجبرتي عن دهشته البالغة هو وبعض إخوانه، خلال زيارتهم لمعمل علمي من معامل الفرنسيين، وحضورهم بعض التجارب هناك، فقد تحدث الجبرتي عن ذلك كله، وكأنه يتحدث عن عمل من أعمال السحر.. يقول الجبرتي في حديثه عن المعمل، وبعض التجارب العلمية التي كان يجريها الفرنسيون: ... وأفردوا مكانًا في بيت حسن کاشف جركس لصناعة الحكمة والطب الكيماوي، ومن غريب ما رأيته في ذلك المكان أن بعض المتقيدين لذلك، أخذ زجاجة من الزجاجات الموضوعة فيها بعض المياه المستخرجة، فصب منها شيئا فـي كـأس، ثم صب عليها شيئا من زجاجة أخرى، فعلا الماء، وصعد منـه دخـان مـلـون حتى انقطع وجف ما في الكأس، وصار حجرا أصفر، فقلبه على البرجـات حجرا يابسًا أخذناه بأيدينا ونظرناه، ثم فعل كذلك بمياه أخرى فجمد حجرا ياقوتيا، ثم أخذ مرة شيئا قليلًا جدا من غبار أبيض، ووضعه على السندال، وضربه بالمطرقة بلطف، فخرج له صوت هائل كصوت القرابانة، انزعجنا منه فضحكوا منا ... ولهم فيه أمور وأحوال، وتراكيب غريبة، ينتج منها نتائج لا يسعها عقول أمثالنا." (1)

تأثر المصريين بمظاهر الحضارة الجديدة  :

الطموح الإمبراطوري الفرنسي وأثره العلمي والثقافي على مصر :

وقد كانت الحملة الفرنسية تهدف إلى تكوين امبراطورية في الشرق تكون مصر قاعدتها ، وقد أتت بالعلماء معها في جميع المجالات وأتت بالمطبعة العربية ، وكان من مظاهر رغبة الفرنسيين في الاستقرار بمصر " أن أنشأ العلماء الفرنسيون المصاحبون للحملة في مصر، مراكز للأبحاث الرياضية، ومراصد فلكية، ومعامل كيماوية، كما أنشأوا بعض المصانع ومعملًا للورق، ثم مجمعا علميا لدراسة أحوال مصر الطبيعية والجغرافية، والاجتماعية، والاقتصادية، والتاريخية والثقافية ؛وكان ذلك أساسا لإمداد الحكومة الفرنسية بالمعلومـات والتوجيهـات، والإحصاءات والخـرائط، ولتأكيد الوجود الفرنسي في مصر، وإقامته على دعائم من العلم والخبرة.. كذلك أقام الفرنسيون مطبعة عربية، وأصدروا صحيفتين فرنسيتين ونشرة باللغة العربية، كما أقاموا أيضا مسرحا للتمثيل، كانوا يقدمون فيه رواية فرنسية كل عشر ليال، وفتحـوا مدرستين لتعليم أبناء الفرنسيين، ومكتبة عامة جمعوا فيها ما حملوه معهم من كتب، وما جمعوه من مساجد مصر وأضرحتها. 

التفاعل الفرنسي مع المصريين: دعوة للعلم والتحضير الثقافي :

وكانوا يدعون بعض المصريين إلى مشاهدة ما بها من كتب، كما كانوا يدعونهم إلى مشاهدة بعض تجاربهم العلمية، وذلك لتأليف قلوبهم، وإيهامهم بأنهم جاءوا لتحضيرهم والنهوض بهم .

----------------------

(1) تطور الأدب الحديث في مصر ، ص ۱۹.


الديوان العثماني ودور علماء الأزهر في الإدارة خلال الاحتلال الفرنسي :

ولعل مما يرتبط بهذه المظاهر، تشكيلهم للديوان، الذي كان يضم تسعة أعضاء من علماء الأزهر، وذلك للعمل على استتباب الأمن، والتظاهر بأن الشعب يشارك في حكم نفسه.

التأثير المحدود للحملة الفرنسية على الوعي الثقافي والأدبي في مصر :

ويلاحظ أولًا: أن أغلب تلك المظاهر الثقافية متصل بالعلم العملي، كما يلاحظ ثانيا، أن جميعها جاءت في صورة عدوانية ضمن الحملة الفرنسية الغازية، ومن هنـا لـم يكـن لـهـا تـأثير فعلـي فـي وصـل المصريين بالثقافـة الأوروبية، وبخاصة الثقافة الأدبية، وإنما اقتصر تأثير كل هذه المظاهر على الإثارة أو الإيقاظ، حتى أحس البعض بوجوب التغيير، وتطلع إلى التسلح بوسائل أفضل، وهذا ما عبر عنه الشيخ حسن العطار بقوله حينذاك: إن بلادنا لا بد أن تتغير أحوالها، ويتجدد ما بها من العلوم والمعارف .

مساوئ الحملة الفرنسية على مصر :

النفور المصري من الحملة الفرنسية وتأثيراتها السلبية على الشعب :

ومع هذه الصدمة الحضارية التي مني بها المصريون بقدوم الحملة ظهر لهم غرض الحملة الفرنسية وهو الاستيلاء الكامل على ثروات ومقدرات الشعب ، فقد ظهرت "شراسة رجال الحملة، واستهتارهم بالشعب المصري، ودينه وتقاليده، وانتهاكهم حرمات الأهالي جهارا، ونهبهم القرى الآمنة، وإفزاع أهلها، وفرض الضرائب على الأوقاف الخيرية التي كان يصرف ريعها على المساجد وطلاب العلم، وفرضها كذلك على المنازل، جعل كل قلوب المصريين تنفـر مـن نابليون وإصلاحاته، وعلمه، وتنظر إليه نظرة الغاصب المستبد، ولقـد ثـار المصريون في أكتوبر سنة 1798؛ فأخمـد ثورتهم في قسوة عارمة، وعنف وغلظة، وانتهك حرمة المساجد الإسلامية، وعبئًا حاول بعد ذلك أن يتألف قلوبهم، أو يستميلهم إلى المدنية الغربية، وإن كلفوا بها بعد خروج الحملة الفرنسية من مصر، واتخذوا ما وضعه لهم أساسا للإصلاح الداخلي ." (1)

جلاء الحملة الفرنسية عن مصر :

المقاومة المصرية والإرث الفرنسي بعد جلاء الحملة عن مصر :

وقاوم المصريون الاحتلال الفرنسي بكل ما أوتوا من قوة يظهر ذلك من خلال الثورات المتعاقبة في القاهرة وشدة القمع من قبل الفرنسيين ، ما أدى في النهاية إلى جلاء الفرنسيين عن مصر ، لكن وبعد جلاء الفرنسيين عن مصر ظلـت طـرق الإدراة الفرنسية مهيمنة على حكومـة ...

مدة بقاء الحملة الفرنسية في مصر :

 وظلت عادات التفكير الفرنسية تسيطر على الطبقة المستنيرة بمصر، وإن ما خلفته الحملة الفرنسية في مصر خلال ثلاثة أعوام لاغير، لمن أضخم ما يتسنى إنجازه في هذا الأمد الوجيز.

محمد علي وبداية عصر النهضة المصرية في ظل التحديات العالمية :

ثم أتيحت لمصر الفرصة لكي تنهض وتتبوأ مركزها بين أمم العالم المتمدين، باستيلاء محمد علي على عرش مصر. ( 2)

المصادر والمراجع :

--------------------------

(1) في الأدب الحديث عمر الدسوقى ، ص ۱۹.

( 2 ) ينظر: السابق ص ۲۰.


تعليقات